Saturday 1 June 2013

رافض


قصة من مجموعتي القصصية  تحت النشر يارب تعجبكم

رافض
حاولت كثيرا ا اقنعه برأيي وكان لقائنا المتكرر بالمؤتمرات التي تدعوا امثاله لتلتقط لهم مجموعه من الصور يمكن من خلاله جمع الكثير من الدعم لاستكمال المسيرة من اجل القضية وكنت حديث عهد بالتواصل مع امثاله ...وكان افتراقنا منذ اخر لقاء بمناقشة لم تنتهي وحين رايته اليوم بكرسيه  المتحرك الحديث وبدلته القديمة التي توحي بمحاولة جادة لتأنق ويبدو فيها قلة ذات يد صاحبها وحذاء في قدميه لم يمس الارض رغم شرائه منذ زمن ،ومن اين له بقوة لاقدامه ليضغط بها علي الارض
حدثني عن رحلته مع الاعاقة ونظرة الناس المتشفية وكانه هو من جلب لنفسه تلك الاعاقة كانت كلماته تفيض بحزن دفين وكره واضح لكل من يحدثه عن اعاقته ،حصل علي الماجستر في العلوم الانسانية  وفي طريقه للحصول علي الدكتوراة وهي درجة علمية رفيعة يتمنها الكثير ممن ليس لديهم اعاقته ويعيشون حياتهم بلا تعقيداته في الصعود والنزول من بيته الذي يحتاج الي البواب واحد الجيران رغم وجود المصعد الكهربائي ولا اضطراره اليومي لتحمل المعاناة مع التاكسي الذي يفر سائقه بمجرد رويته علي الكرسي المتحرك ومحاولاته المتكررة حتي يتوقف له احدهم في محاولة شاقة للركوب والذهاب للجامعة في مرات شهرية قليلة تعد علي اصابع اليد ..


حدثني والحزن يغلف صوته الرنان الخفيض عن كرهه لمن ينظرون اليه بالدونية لانه لا يقوي علي الوقوف علي قدميه وعن جهاده المستمر ليثبت للجميع انه الافضل تحمل مشقة الدراسة واكمل رغم موارده المالية شبه المعدومة مع وظيفته التي لايطلب منها فيها سوي الذهاب الي مقر العمل للحصول علي الراتب كل شهر بعد ان حصل عليها بواسطة احد اقرابئه الذي اوصي به خيرا لصاحب الشركة والذي وجد فيها رقم يسد به خانة سبة تشغيل المعاقين ومبلغ شهري بسيط يخرجه من مصاريفه الخيرية ، يجمع صديقي جنيهاته القليلة ويعود الي بيته كارها لذلك الاحسان المصطع المتخفي بشكل وظيفة ... يا صديقيي الحكومة لا تعتقد بوجود امثالنا وان راتنا تبحث في جيوبها المنهوبة عن حسنة او نسبة توظيف يرفضها اصحاب المصالح العام منها قبل الخاص بلا تشديد ولا رقابة  ..
حاول كثيرا الحصول علي سيارة معاقين حين علم انها تصرف مجانا للمعاقين بعد كشف طبي في وسط البلد  وذهب لاجراء الكشف بعد ان اخذ سلفة بمبلغ خمسمائه جنيه هي رسوم اجراء الكشف وكانت فرحته يوم جائته النتيجة بالبريد علي بيته تخبره بنجاحة في الاختبار والتوجه لجمارك بورسعيد لاخذ السيارة
مسح وجهه المتعرق وهو يحاول رسم ابتسامة باهته واكمل كانت الصدمة حين ذهب للجمارك ببورسعيد ليجد السيارات ليست مجانا انما  يصل  ثمن اقلها الي ثلاثون الف جنيه ، رقم  خرافي لا يحلم بان يمسك به يوما ما وهو المعاق في طريقه الي  الدكتوراة ...
قلت له وانا احاول ان احافظ علي ابتسامتي
ياصديقي اقبل نفسك كما هي باعاقته وضعفها لا تحتاج ان تثبت لمجتمعك انك الافضل
ولا تحتاج الي الافضلية هذه في حد ذاتها فانت مواطن لك حقوق وعليك واجبات  لا انكر عليك ما لدينا من عدم احساس بالمعاق , كانسان او معاق او كائن حي في الاساس يمكن ان تسؤه النظرة المتشفية او حتي نظرة الاحسان نصيحتي لك ان تبدأ بنفسك ،عش الحياة كما اعطاها لك الله ، جميله هي الحياة ومجنونة ومؤذية ؛ تعطي بقدر استطاعتك علي الاخذ ،لا ترض بالدونية التي يعتقدها فيك من يراك بلا سيقان ، ابحث عن عمل افضل  ولديك المؤهلات و تطور كما تري في نفسك وخبراتك ، لا ترض ان تكون مجرد ديكور في صورة او رقم في قائمة توزيع شنط رمضان او احسان بعض  المحسنين ، لديك حياة يجب ان تحياها
ستجد الحياة يوم ان تجد نفسك ...........
اتت زوجتي وامسكت بكرسيي المتحرك وسحبته امامها وهي تعتذر عن تأخرها فالطريق مزدحم من مدرسة الاولاد وحتي الفندق مقر المؤتمر ...فابتسمت لها انني كنت لانتظرها الي اخر العمر ضحكت وهي تساعدني علي ركوب سيارتنا .

No comments:

Post a Comment